أشهرها حقنة ضمور العضلات.. السر وراء تسعير أدوية الأمراض الوراثية بالملايين

 

الأمراض الوراثية .. قد يكون أسوأ شعور يواجهه الإنسان هو عدم قدرته على إنقاذ حياة من يحب، خاصة إلى كان الأمر يتعلق بطفلك وحاجته لدواء معين ينقذ حياته، عندها تعرف أسوأ معانى العجز وقلة الحيلة، فرغم محاولاتك المستمرة واستعدادك لفعل كل ما يلزم ولكن تكون الظروف أقوى منك، فسمعنا مؤخرًاعن وفاة طفلتين دون عمر العامين بسبب سعر "حقنة"، قد يبدو الأمر دراميًا بعض الشئ، ولكن ما لا تعرفه عزيزي القارئ هو وجود أدوية بأسعار تفوق قدرة الكثير من البشر، فعلى سبيل المثال هذه الحقنة والتي تستخدم في علاج أحد أخطر الأمراض الوراثية التي تصيب الأطفال وهو ضمور العضلات الشوكى يبلغ سعرها 2 مليون دولار.

 

ولكن لا عجب في ذلك فهذا هو شأن جميع علاجات الأمراض الوراثية التي تم تطويرها خلال السنوات القليلة الماضية، وهناك أسباب كثيرة لتسعير هذه الأدوية بهذه المبالغ الخرافية، بعضها قد يبدو منطقيًا، ولكن هناك سر غريب وراء تسعير هذه الأدوية بالملايين بل ويعتبر هو السبب الرئيسي وراء ألية التسعير التي تعتمدها الشركات المصنعة لهذه الأدوية، في مقالنا هذا سنأخدك عزيزي القارئ في جولة سريعة حول عالم الأمراض الوراثية وعلاجاتها المختلفة وآلية تسعيرها.

 

ما هي الأمراض الوراثية ؟

 

الأمراض الوراثية هى عبارة عن بعض الأمراض التي تنتج بسبب وجود خلل في المادة الوراثية لجين معين قد تتراوح ما بين الخلل البسيط إلى الكبير الذي يحدث في كرموسوم كامل عند الإنسان وهنا تكون المشكلة أكبر.

 

 من الممكن أن يرث الطفل المرض من الأم أو من الأب وأحيانًا من كلاهما معًا، ولكن هناك بعض الأمراض التي تحدث نتيجة لطفرة جينية عند المريض ولا يشترط أن يكون أحد من والديه حاملًا للمرض.

 

أنواع الأمراض الوراثية وأكثرها انتشارًا

 

ضمور العضلات الشوكي

يحدث هذا المرض بسبب طفرة وراثية في جين معين يؤثر على الخلايا الأمامية للحبل الشوكى التي تتحكم بشكل مباشر في حركة العضلات مما يؤدى إلى ضمورها.

 

الهيموفيليا

هو مرض وراثي أيضًا يصيب الذكور ويرثه الطفل من الأم فقط، وهو عدم قدرة الجسم على تجلط الدم ووقف عملية النزف تلقائيا مما يسبب نزيف شديد يكون داخليا في بعض الأحيان قد يؤدى إلى الوفاة.

 

أنيميا البحر الأبيض المتوسط

هو واحد من أكثر أنواع الأمراض الوراثية انتشارًا وهو عبارة عن خلل جيني يؤثر على عملية تصنيع الهيموجلوبين في جسم الانسان مما يتسبب في انتاج نوع من خلايا الدم الحمراء غير القادرة على حمل الأكسجين إلى باقي الجسم.

 

عوز المناعة المشترك

يحدث هذا المرض بسبب طفرة في جين مسؤول انتاج إنزيم مهم يساعد جهاز المناعة على القيام بعمله بالشكل المطلوب.

 

التليف الكيسي

هو واحد من الأمراض الشائعة أيضًا ولكن لابد أن يرثه الطفل من الأب والأم معًا وإذا كان من أحدهما فقد يكون الطفل حاملًا للمرض وليس مصاب به، ويحدث بسبب طفرة في الجين المسؤول عن تنظيم حركة الملح داخل الخلايا مما يؤدى إلى تكون شئ أشبه بالمخاط في في بعض أجهزة الجسم.

 

 

أدوية الأمراض الوراثية

 

منذ التسعيينات وتجري تجارب معملية لتطوير أدوية تعالج الأمراض الوراثية، وبالفعل توصل العلماء لبعض الأدوية الفعالة جدًا في علاج عدد من الأمراض الوراثية الفتاكة ونجحت هذه الأدوية في انقاذ حياة الكثير من البشر بعدما كانوا محكوم عليهم بالموت من قبل.

 

ولكن تكمن المشكلة في ارتفاع أسعار هذه الأدوية بشكل يفوق طاقة الكثير من الناس فليس جميع البشر قادرة على شراء جرعة دواء بسعر 2 مليون دولار، ولكى نعرف أسباب ارتفاع أسعار هذه الأدوية علينا أن نعرف كيف يتم تصنيع ما هى آليات التسعير المعتمدة لهذه الأدوية.

 

 أسباب ارتفاع أسعار أدوية الأمراض الوراثية

 

هناك بعض العوامل التي تساهم في ارتفاع أسعار دواء معين ومن أهمها كيفية تصنيعه والأدوات المستخدمة في ذلك والمراحل التي تمر بها عملية التصنيع.

 

السبب الأول: ما يميز أدوية الأمراض الوراثية عن غيرها هي أنها تمر بمراحل تحضير كثيرة بالإضافة إلى أنها تضخع لتجارب سرسرية ومعملية كثيرة، مما يتطلب عمالة ووقتًا وجهدًا أكبر وبالتالي يتسبب في ارتفاع الأسعار.

 

السبب الثاني: هو ندرة الطلب على هذا الدواء فالأمراض الوراثية ليست أمراض شائعة وبالتالي الطلب على هذه الأدوية يكون محدود جدًا وبالتالي لن تلجأ الشركة لعمل خط انتاج خاص به لإنتاج كميات كبيرة وبيعها وتغطية تكاليف الإنتاج وخفض سعره في الأسواق وإنما يتم تصنيعه وفقا للطلب.

السبب الثالث: تحتاج أدوية الأمراض الوراثية إلى أدوات ومعدات طبية ومعملية متطورة للغاية وأشخاص على درجة عالية من الخبرة والعلم، الأمر الذي يرفع ايضًا من تكلفة إنتاجه وبالتالي ارتفاع أسعاره.

السبب الرابع: تعتمد كثير من أدوية الأمراض الوراثية على علاج الجين محل الخلل أى أنه يعتمد على إحلال محل الجين المعيب، لذلك فهو يندرج تحت ما يسمى الطب الدقيق وهو واحد من أكثر الطرق فاعلية في علاج الأمراض الوراثية.

 

السر وراء ارتفاع أسعار أدوية الأمراض الوراثية

 

بعيدًا عن كل الأسباب التي ذكرناها والتي تبدو منطقية لرفع سعر الدواء، ولكن يظل السعر مبالغ فيع كثيرًا حتى مع أخذ كل هذه الأسباب في الاعتبار، وهنا يكمن السر وهو أن الشركات التي تعمل على تصنيع هذا النوع من الأدوية تنظر إلى التغير الحادث في حياة الأشخاص الحاصلين على هذا الدواء والقيمة الكبيرة التي توفرها لهم جرعة واحدة من هذا الدواء وهي الأمل والحياة.

بشكل أبسط.. يتم احتساب سعر هذه الأدوية بناء على عدد سنوات العمر التي يكتسبها المريض بعد تناوله الدواء، أى أنهم  يحددون سعرًا لقيمة حياة البشر من وجهة نظرهم، فتخيل إذا كنت على وشك الموت وهناك دواء وحيد ينقذ حياتك، هل تتردد في دفع كل ما تملك في سبيل الحصول عليه؟

يُعتبر هذا السبب في التسعير غير أخلاقي إلى حد كبير وهو ما أثار جدلًا كبيرا في الأوساط العلمية، ولكن للأسف هو العامل الرئيسي الذي تعتمد عليه هذه الشركات.  

ليس ذلك وحسب ولكن هناك سر آخر، وهو أن الشركات تنظر إلى البدائل المتوفرة في السوق لعلاج نفس المرض وتحسب القيمة التي يدفعها الفرد للحصول على كافة الجرعات الكافية لعلاجه وتختصرها في سعر واحد لدواء واحد بجرعة واحدة، مع إضافة هامش ربح معقول لاستثماراتها.

 

أشهر أدوية الأمراض الوراثية

 

يعتبر عقار زولجنسما أشهر علاج للأمراض الوراثية وأعلاها سعرًا بل ويعتبر أغلى دواء في العالم على الإطلاق، بتكلفة تصل إلى 2.1 مليون دولار ويستخدم هذا العقار لعلاج مرض ضمور العضلات الشوكي الذي يصيب الأطفال دون سن الثانية ويسبب الوفاة وفيما يلي أهم المعلومات عن هذا الدواء.

 

- يتكون العلاج من جرعة واحدة

- يعتمد هذا العلاج على حل محل الجين المعيب مما يجعله علاجًا فعالا.

- الدواء من تصنيع شركة نوفارتس الفرنسية.

- اشترت الشركة حقوق تصنيعه حتى عام 2028 من شركة افكسيس الأمريكية بقيمة 8.7 مليارات دولار.

- هو العلاج السابع عشر للخلايا والجينات.

 

جدل حول أخلاقيات تسعير أدوية الأمراض الوراثية

 

- ليس معروف ماهى هوامش الربح التي تحددها الشركات المصنعة لهذه الأدوية.

- استخدام نماذج تسعير قائمة على قيمة العلاج المعنوية للإنسان.

- لايوجد أدلة واضحة حول فعالية هذا النوع من الأدوية.

- لا يوجد معلومات كافية حول الآثار الجانبية لهذه الأدوية على المدى الطويل.

- تساؤلات أخلاقية حول مدى التدخل الجيني لهذه الأدوية في جسم الإنسان ما يساهم في خلق أجيال معدلة جينيًا.