مع اقتراب الذكرى الـ101 لاكتشافه.. كيف غير دواء الإنسولين حياة مرضى السكر؟
دواء الإنسولين.. فقد والديه الأمل بعد محالات يائسة
لعلاجه مرارا وتكرارا، فالشاب ليو البالغ من العمر 14 عامًا والمصاب بمرض السكر من
النوع الأول طريح الفراش منذ فترة طويلة غارق في غيبوية، بعدما فشلت كل محالات
الأطباء لعلاجه، الأمر الذي دفع والديه للاستسلام للأمر الواقع وانتظار خبر وفاته،
إلى أن حدثت المعجزة وتم حقن ليونارد بحقنة أنقذت حياته لتكن مفاجأة للجميع، فما
هي المادة السحرية التى أنقذت حياة هذا الشاب.
استخدام دواء الإنسولين للمرة الأولى
إنه الإنسولين.. نعم الإنسولين الذي نعرفه اليوم، والذي يعالج ملايين المصابين بالسكر حول العالم، فقد كان للشاب ليونارد طومسون السبق في كونه أول إنسان يتم تطبيق علاج الإنسولين عليه، فقد كانت كل محاولات العلاج السابقة تُجرى على كلاب التجارب فقط، واليوم وبعد اقتراب الذكرى الأولى بعد المائة لاكتشاف دواء الإنسولين دعونا نتعرف على ماهية هذه المادة السحرية التي كانت بمثابة إكسير الحياة للكثير من مرضى السكر، وما تفعله في جسم الإنسان، وكيف كان لها الغلبة في علاج أحد أكثر الأمراض انتشارًا حول العالم.
كيف تم اكتشاف أنواع الإنسولين ؟
لم يتم التعرف على الأسباب الحقيقة
وراء مرض السكر، وبالتالي لم يتم التوصل إلى أى علاج حتى قبل 100 عام من الآن، عندما
اكتشف بعض الأطباء -في جامعة تورنتو الكندية- أن الكلاب الذين تم إزالة بنكرياسهم
أصبحوا مرضى بداء السكري، الأمر الذي دفع الطبيب فريدريك بانتينج ومساعده تشارلز
بيست إلى البحث وراء الأمر وإجراء عدة تجارب نجحوا من خلالها في تطوير محلول ملحي
مستخلص من بنكرياس العجول، ساعد على تحسن حالة الكلاب وإبقائهم على قيد الحياة،
ليتم تطوير هذا المحلول على يد العالمين جيمس كوليب وجون ماكلويد من خلال تنقيته
ليكون صالح للاستخدام على البشر.
وفي عام 1922 كان هذا المحلول جاهز لتطبيقه على البشر ليكون الشاب ليونارد طومسون أول مريض يقع عليه الاختيار لتجربة العلاج، فقد كان في حالة ميئوس
منها بعدما تطور المرض بشكل كبير أدخله في غيبوية.
لتكن المفاجأة.. فبعد مرور 24
ساعة على إعطائه الجرعة الأولى من دواء الإنسولين ، تراجعت مستويات السكر في دمه من 520 ملليغرام
/ ديسيلتر - إلى 120 ملليغرام / ديسيلتر فقط، وتحسنت حالته الصحية وعاش فترة طويلة
بعد استخدام هذا العلاج، ليتم بذلك اكتشاف أول علاج للسكر في العالم، بعدما أثبتت
كل العلاجات التي كانت تستخدم سابقًا فشلها.
ما هو الإنسولين وكيف تحدث الإصابة بالسكر؟
الإنسولين هو هرمون موجود بالفعل في جسم الإنسان مهمته هي تحويل السكر
إلى طاقة يستخدمها الجسم للقيام بالعمليات الحيوية، ويعتبر المسئول الوحيد عن
إفراز الإنسولين في الجسم هو البنكرياس، أما عن الإصابة بمرض السكر فهي عادة ما تحدث
عندما تكون هناك بعض الاضطرابات في إفراز هذا الهرمون مما يترتب عليه 3 أنواع من
داء السكرى.
السكر من النوع الأول: يحدث عندما يكون هناك خلل في إفراز الإنسولين
من البنكرياس وعادة ما يصيب الأطفال.
السكر من النوع الثاني: يحدث عندما يفشل الجسم في التعامل مع كميات
الإنسولين التي يفرزها البنكرياس وتوزيعها بشكل جيد، وعادة ما يصيب البالغين
وبالتحديد الذين يعانون من السمنة.
سكر الحمل: يحدث عندما لا يستطيع جسم المرأة استخدام الإنسولين بشكل
سليم؛ نتيجة لحدوث خلل في مستوياته تأثًرا بهرمون المشيمة، وعادة ما يصيب النساء
الحوامل وقد يستمر معهن حتى بعد الولادة.
تطور استخدام دواء الإنسولين في علاج مرضي السكر
بعدما أصبح دواء الإنسولين نقطة تحول في علاج مرض السكر بأنواعه الثلاثة،
جرت العديد من التجارب والدراسات على تطوير هذا العلاج؛ لتحقيق نتائج أكثر فاعلية
وسرعة ونجاحًا على المدى البعيد، وتمثلت أهم مراحل تطور دواء الإنسولين فيما يلي:
- أصبح يتم استخلاص الإنسولين من البشر من خلال الهندسة الوراثية،
بعدما كان يُستخلص من الحيوانات.
- التوصل إلى بدائل الإنسولين والتي تعتمد على الإفراز البطء أو
السريع حسب حالة المريض واحتياجه من الدواء.
- التوصل إلى قلم الإنسولين
بدلًا من الحقن مما جعل حياة المرضى أكثر جودة وراحة وأمانًا.
- التوصل إلى علاج فموى لمرض السكر يعمل على تحفيز إفراز الإنسولين وإطالة
فعاليته في الجسم وتقليل امتصاصه في الكلي، وهو ما كان بمثابة طفرة في علاج مرض
السكر حتى الآن.
أضرار الإنسولين
على قدر الفوائد العديدة والميزات التي وفرها علاج الإنسولين لمرضى
السكر، ولكنه في طياته يحمل بعض الأضرار التي لابد من الانتباه إليها.
لعل أهم هذه الأضرار وأكثرها
خطورة هو الانخفاض الشديد في سكر الدم والذي يعرف في الأوساط الطبية باسم تفاعل
الإنسولين، ويحدث ذلك عند تناول جرعة كبيرة من الدواء أو تناوله بشكل سريع، الأمر
الذي يترتب عليه انخفاض كبير في سكر الدم قد يؤثر على وظائف الدماغ والدخول في
غيبوية في بعض الأحيان، ومن أعراض انخفاض السكر ما يلي:
الرغبة في النعاس.
الشعور بالدوخة والغثيان وأحيانًا
فقدان الوعي
سرعة ضربات القلب وصعوبة التنفس.
الصداع وضبابية الرؤية.
مخاطر مرض السكر
لا تتوقف مخاطر مرض السكرعلى كونها
المسبب الأول لارتفاع أو تراجع معدلات السكر في الدم وحسب، وإنما هناك العديد من التأثيرات
السلبية التي يتركها مرض السكر على الصحة العامة للإنسان، ومن أهمها أمراض الكُلى
والكبد والقلب، لذلك لم يعد دور أدوية مرض السكر مقتصر على علاج أعراضه فحسب، وإنما
لابد أن تراعي هذه الأدوية عدم حدوث آثار جانبية على أعضاء الجسم المختلفة مع
الحرص على تقليل معدل الوفيات لمرضي السكر على مستوى العالم.
كيف تقي نفسك من مرض السكر
تشير توقعات منظمة الصحة العالمية إلى أنه بحلول عام 2030 سيكون مرض
السكر سابع مسبب للوفاة بين البشر على مستوى العالم، فقد ارتفع عدد المصابين بمرض
السكر بأنواعه الثلاثة من 108 ملايين شخص عام 1980 إلى 422 مليون شخص عام 2014،
فبعيدًا عن العوامل الوراثية، علينا عزيزي القارئ تغيير نمط حياتنا واتباع بعض
النصائح لتجنب الإصابة بمرض السكر وعواقبه الوخيمة التي قد تصل إلى الوفاة، وأهم
هذه النصائح ما يلي:
- اتباع نمط حياة صحي والحرص على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- تناول الأغذية الصحية والابتعاد عن الأطعمة الغنية بالسكريات
والدهون.
- تحرك باستمرار وأوجد لنفسك بعض الأنشطة الحركية للقيام بها خلال
يومك.
- الابتعاد على تناول السكر الأبيض والحلويات والمعجنات الغنية
بالسكر.
- التثقيف الجيد بالمرض ومضاعفاته وكيفية اكتشافه مبكرًا والتعامل
معه.
- الحرص على إجراء التحاليل والفحوصات الطبية بشكل دورى للاطمئنان على
صحتك واكتشاف المشكلة في بدايتها.
خلاصة القول.. أنه الآن وبعدما أصبح العلاج في متناول الجميع على
مختلف أشكاله وأنواعه، يجب أن نعرف أن الإنسولين كان بادرة الأمل الأولى لمرضي
السكر الذين كان محكوم عليهم بالموت مع استمرار معاناتهم خلال سنوات حياتهم بين أنواع
علاجات قاسية وغير فعالة فقط لكى يعيشواعدة سنوات إضافية لا أكثر ولكن لطالما
كانت النتيجة محتومة.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك أو استفسارك هنا