أصل السُباب في العربية.. كيف تحولت مفردات اللغة إلى شتائم؟
يختلف قاموس السباب
والشتائم من بلد إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، ولكن ما يميزها أنها تعتمد في
مجملها على ذكر مفردات نابية تمس الأمور الأكثر خصوصية لدى الأشخاص مثل الجنس والعرق
والدين، وأحيانًا وصم أفراد العائلة وتحديدًا الأم والأخت بصفات سيئة، ولكن الغريب
في الأمر في وجود بعض المفردات التي تم تدولها باعتبارها ألفاظ نابية، ولكنها في
الأصل تحمل معاني مختلفة في اللغة، فكيف تحرفت هذه الكلمات حتى وصلت إلى السباب، لذلك
في هذا المقال سوف نتعرف معًا على مفردات اللغة العربية التي أصبحت شتائم وهي في الحقيقة
بريئة تمامًا من هذا الأمر.
أصل الشتائم في اللغة العربية
ترجع الكثير من الألفاظ التي تستخدم في
السباب والشتائم إلى أصول عربية قديمة وبعضها ذات أصول فرعونية، ولكن الاختلاف
يكمن في أن الفراعنة لم يتطرقوا إلى ذكر المرأة في قاموس الشتائم الخاص بهم،
فكانوا إذا أردوا سب أحد ما بلفظ جنسي مثلًا يستخدمون الفعل نفسه ولا يوصمون به
الأم أو الأخت أو الأنثي بوجه عام.
لفظ "القحباء"
لعل من أبرز الكلمات المستخدمة في
قاموس الشتائم الدارج في الوطن العربي هو لفظ "القحباء"، وعادة ما تستخدم
لوصم المرأة بصفة البغاء أو ممارسة الفحشاء، ولكن ما معنى لفظ "القحباء"
في اللغة العربية ولماذا تم استخدامه على هذا النحو؟
معنى "قحب" وهو مصدر لفظ
"قحباء" هو "صوت السعال"، واستخدمت الكلمة لوصف هذا الفعل المشين،
نتيجة لأن نساء الهوى في الجاهلية كانوا يفتعلون صوتًا كصوت السعال كإشارة إلى
امتهانها البغاء أو لدعوة الرجال إليها، ومن هنا تم تسميتها بالمرأة القحباء،
وتحرفت بعد ذلك إلى "القحبة" واستمر على هذا النحو إلى وقتنا هذا.
لفظ "العرص"
هو لفظ دارج الاستخدام، وخاصة في أوساط الشباب، وبكل أسف لم تعد مثل
هذه الكلمات غريبة على مسامعنا، فأصبح يتم تدولها في مجالس واسعة وفي حضور النساء
وحتى الأطفال أيضًا.
يعود معنى هذه الكلمة إلى مهنة كانت منتشرة في مصر في أوقات الاحتلال
الإنجليزي، وكان يمتهنا أحد رجال الشرطة المصرية، ومهمته هي الإشراف على عمل
الدعارة والتأكد من توافر كافة التراخيص والأوراق اللازمة للممارسة هذا النشاط.
جدير بالذكر أن الدعارة كانت
مقننة في مصر أوقات الاحتلال الانجليزي، فكان عملًا قانونيا يشترط امتهانه فقط
توافر بعض التراخيص والأوراق والخضوع لكشف الطبي دوري لضمان عدم انتشار الأمراض
الخطيرة من خلال ممارسة الدعارة.
ونظرًا لما تحمله مهنة الدعارة من حقارة، أصبح الشرطي المسؤول عن تنظيم هذا العمل موصوم بنفس الصفة، وأطلق عليه المصريين هذا الإسم، ومنذ ذلك الوقت جرى استخدم هذا اللفظ لوصم الرجل بالدياثة، دون الانتباه إلى المعنى الحقيقي لهذا اللفظ فهو في النهاية مجرد شرطي يؤدي علمه أيًا كانت طبيعة هذا العمل.
لفظ "اللبؤة"
لعل جميعنا نعرف أن اللبؤة هي
أنثى الأسد، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون لما استخدم هذا اللفظ في وصف المرأة بالبغاء
وممارسة الزنا.
على الرغم من أن أنثي الأسد
تشتهر بقوتها وجرأتها وقدرتها على الاهتمام بشؤون القطيع والاهتمام به وصيد أعتى الفرائس،
إلا أن اسمها ارتبط ارتباط سئ بين أوساط البشر، فهل ظلمنا اللبؤة بعض الشئ؟
في عالم الغابة يعيش الأسود في قطعان تكون الأنثى فيه مسؤولة عن الإشراف
على غيرها من الإناث والاهتمام بالصغار ومشاركة الذكر صيد الفرائس وحماية القطيع في
غياب الذكور من هجمات الضباع، ولكن في حال تعرض القطيع لهجوم أسفر عنه موت الذكر وأشباله
الذكور، فتبادر اللبؤة فورًا بمعاشرة الذكر الجديد كنوع من إثبات الولاء، وإذا
هيمن على القطيع ذكران جدد، تقوم اللبؤة بمعاشرتهما بالتناوب.
قد يبدو هذا الأمر منحطًا بعض الشئ، ولكن هذا إذا حكمنا عليه بقوانين
البشر، ولكنها عند الحيونات مجرد فطرة وغريزة للبقاء ليست لها أى دوافع أخرى، كما
أن هذا الأمر ليس مقتصرًا على لبؤة دون الأخرى، بل هو أمر تفعله جميعهن لحماية
أنفسهن، ومن هنا جرى استخدام هذا اللفظ في وصم المرأة بالبغاء من خلال استخدام الجنس في
الوصول إلى أهدافها.
لفظ "الشرموطة"
يستخدم هذا اللفظ في وصف المرأة التي تمتهن الدعارة، ويعود معنى هذه الكلمة
في اللغة العربية إلى الجلد المشروط أو المقطوع، أو القماش المقطع طوليًا والمستخدم
في ربط الأمتعة.
وانطلاقًا من هذا المعنى كانوا
يطلقون قديمًا على قطع القماش المهلهلة التي تستخدم في التنظيف والمسح اسم "شرموطة"،
ومنها انتقلت التسمية لوصف المرأة التي تمارس البغاء كمهنة، لنعتها بكونها شيئًا
عديم القيمة والأهمية يُستخدم مرارَا ويتم الاستغناء عنه.
لفظ "الكس"
هذا اللفظ يمثل الكلمة العامية الدارجة لفرج الأنثى، ولكن من أين جاءت
هذه التسمية بالتحديد؟
هذه الكلمة مشتقة من كلمة "كز" وتعني باللغة التركية
"فتاة"، ففي عهد الحكم العثماني الذي كان يهمين على المنطقة العربية
بأكملها، ومع حركة التجار والجنود وانتقالهم من بلد إلى أخر، لم تكن متطلباتهم
مقتصرة على المسكن والمأكل فقط، ولكن كانوا يطلبون أيضًا النساء لممارسة الجنس، أي
بلغتهم كانوا يطلبون "كز".
مع مرور الزمن تطور هذا اللفظ وأصبح يستخدم في وصف فرج المرأة، قد
يبدو هذا الأمر مهينًا وغريباً، فكم من المؤسف أن يتم اختزال إمرأة بأكلمها في مثل
هذا الوصف المشين، ولكن في كافة الأحوال
جرت التسمية على هذا النحو وأصبحت مفاتن الأنثى و أجزاء جسدها تستخدم كسباب في
كثير من الأوقات والأوساط.
لفظ "تستكردني"
يستخدم هذا اللفظ عادة عندما يعبر الشخص عن أن غيره يعتبره غبيًا،
ولكن أصلها مختلف تمامًا.
ففي عهد صلاح الدين الأيوبي كان يسعين بالأكراد في الحكم بين الناس،
فكان كل من يحكم بين الناس بالعدل يسمى كرديًا، ومع الوقت جاءت هذه التمسية عندما كانوا
يطلبون الحكم والإنصاف من غير الأكراد، بمعنى هل ستصفني بالكردي حتى تحصل على
مبتغاك.. انت هتسكردني؟
لفظ شرشوح
يستخدم هذا اللفظ لوصف الشخص الذي يميل إلى افتعال المشاكل والعراك والصراخ،
وهي مشتقة من الكلمة المصرية القديمة "شيرشي" و"شو" ومعناها
كثير المزاح، ومن ثم تطور هذا اللفظ إلى أن أصبح يُستخدم في وصف الأشخاص غير المهذبين.
لفظ "غراب البين"
قد نسمعها كثيرًا ولكن لا نعرف معناها، فما هو غراب البين؟
عادة ما يستخدم هذا اللفظ عندما نريد وصف شخص بالنحس أو السوء، فمن
المعروف أن الغراب يعتبر نذيرًا بالشؤم، أما كلمة البين فهي تعني في اللغة المصرية
القديمة "الشر"، أي أن معنا الحرفي هو "غراب الشر".


.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقك أو استفسارك هنا